خلال الصالون الثقافي الأول لرابطة تدريس التطبيقي
نظمت اللجنة الثقافية في رابطة أعضاء هيئة التدريس للكليات
التطبيقية بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب أول فعاليات "الصالون الثقافي"
الشهري وجاء تحت عنوان "صورة المرأة في رحلة ابن المجاور"، وكان ضيف الصالون
الأستاذ المشارك بقسم الدراسات الاجتماعية في كلية التربية الأساسية د. نواف عبدالعزيز
الجحمة وبحضور لفيف من أعضاء هيئة التدريس من كليات الهيئة المختلفة، وحضور أمين
سر الرابطة د. فارس المطيري، إضافة لعدد من الصحافيين الذين حرصوا على تغطية الحدث،
وقد شهد الصالون تفاعلا كبيرا من الحضور، وكانت هناك العديد من المداخلات والأسئلة
الشيقة التي أثرت الحوار، ولعل أبرز المداخلات جاءت من قبل كل من د. أحمد الحنيان،
د. أحمد عرفه، د. خالد الهيلم العازمي، د. موسى غضبان، د. وسام بو شهري، أ. عادل حمودة،
وأدارت الصالون عضو هيئة التدريس د. باسمة أبو ضهير التي رحبت باسمها وباسم رئيس اللجنة
الثقافية د. يوسف العنزي ونيابة عن رئيس الرابطة وأعضاء الهيئة الإدارية بضيف الصالون
والحضور الكريم.
وبتلك المناسبة أعرب أمين الصندوق ورئيس اللجنة الاجتماعية
واللجنة الثقافية في الرابطة د. يوسف مسعد العنزي عن سعادته بانطلاق فعاليات الصالون،
مشيرا إلى أن اللجنة الثقافية ارتأت ضرورة تنظيم صالون ثقافي شهري بمقر الرابطة نظرا
لأهميته، فهو إثراء للحوار ونشر للثقافة والأدب، ولتحقيق التواصل المنشود بين المثقفين
والمبدعين، إذ يتم فيه تبادل وجهات النظر وطرح الفكر والرؤى الجديدة بما يعود بالنفع
على المجتمع.
هذا وقد تحدث الأستاذ المشارك بقسم الدراسات الاجتماعية بكلية
التربية الاساسية د. نواف عبدالعزيز الجحمة عن صورة المرأة في رحلة ابن المجاور، وعرفه
بأنه الرحالة المشرقي أبو بكر بن محمد بن مسعود بن علي (المجاور) بن أحمد البغدادي
النيسابوري المتوفي بعد عام 626ه الموافق 1228م .
وتطرق د. الجحمة خلال حديثه لما انطوت عليه رحلة ابن المجاور
من مشاهدات متنوعة لأوضاع المرأة في مختلف المناطق والبلاد التي زارها، حيث حرص ابن
المجاور على إعطاء صورة واضحة عن المرأة في إطارها الاجتماعي والسياسي وأسس العلائق
المختلفة في النصف الأول من القرن السابع الهجري سواء كانت نساء من زبيد أو عدن أو
نساء نجد ونساء الجزيرة، مشيرا إلى أن ابن المجاور حرص في بحثه على الاهتمام بثلاث
جوانب وهي البحث عن مكانة المرأة في المجتمعات التي زارها، والمظهر الاخلاقي والسلوكي
الذي كان يسود ذلك الوقت، وما توصل إليه من خلاصات واستنتاجات.
وعرف د. الجحمة الرحلة بأنها "مكتبة أو بانوراما، وسطور
الرحالة هي مدونات ولوحات فنية ومشاعر حميمة وخلجات وجدانية، خواطر وانطباعات وصور
ترصد المرئيات، حدث شاعري وابتكار فني جمالي في التعبير، خيال يعانق الواقع ويوقظ الذاكرة
فيأتي بالممتع والمدهش والعجيب، هي مرايا تتعاكس، بلدان قريبة وبعيدة، أماكن جديدة
وزوايا لم تستكشف يجتازها العاشق المغامر كما يسري تحت جناح الليل وهو لا يكتفي بعناقها،
والبوح بمكنونات قلبه وفكره إليها ليستغرق في ملامحها يناجيها ويسعد باستجلاء خفاياها
كأنه يتأمل نفسه في مزاياها وفي مراياها، تلك هي الرحلة ومن هنا يبدأ الاكتشاف والتغيير،
اكتشاف المكان واكتشاف الذات سعيا وراء فهم حقيقي لها، تنبثق الرؤى من معاشرة المدن
والأنهار والجبال، ترتسم في صياغات جديدة للوجدان والنظر والتعبير في نصوص حية عابرة
للزمان كما هي عابرة للمكان أينما كان".
وقال د. الجحمة أن رحلة ابن المجاور أو "صفة بلاد اليمن
ومكة وبعض الحجاز المسمَاة "تاريخ المستبصِر" كتاب يمكن اعتباره من أهم المصادر
الرحلية لأحوال النصف الأول من القرن السابع الهجري(13م) بمناطق شبه الجزيرة العربية،
وهي الفترة التي عايشها ونقل أحداثها ومشاهداته المتعددة الجوانب عنها.
وأشار د. الجحمة إلى أن رحلة ابن المجاور تنطوي على مشاهدات
متنوعة لأوضاع المرأة وماهيَتها في مختلف المناطق التي زارها، فقد زار بلدانا عديدة
ووُجد بين شعوب مختلفة العقائد والميول والتقاليد وهو يحاول أن يعطي صورة واضحة عن
المرأة تعكسها المجتمعات والأوساط التي زارها، فابن المجاور لم يترك بلدا مر به إلا
وتكلم عن نسائه، فمن نساء زبيد إلى نساء عدن إلى نساء نجد إلى نساء جزيرة قيس يتغير
المشهد وتختلف المعايير، وكاتبنا يجسد صورة المرأة في إطارها الجغرافي الاجتماعي السياسي
وأسس العلائق العادية أو الغريبة السائدة في ذلك العصر.
وبين د. الجحمة أن هناك وجوه متعددة للمرأة تخترق كتاب ابن
المجاور لتعطي صورة قد تكون غريبة عن نساء ذلك العصر، فالصورة هي التي ميزت الخطاب
الأدبي وفق مقاييس المجال الذي تنفس في أحضانه مع ما قد يصاحب ذلك من بلورة لانطباعات
شخصية أو أحكام تقويمية قد تساير الرحلة وملابساتها، إلا أن ذلك يبقى ضمن إطار الموضوعية
"البصر والبصيرة"، فأهم ما يتوخى في نص الرحلة هو الملاحظة والاستنتاج، لذا
فإن تصور المرأة الذي خص به قسما من كتاباته يتخذ طابع الدقة والصدق وحسَ الدعابة والطرائف
المسلية.
وأوضح د. الجحمة أن هذا البحث ينقسم الى جوانب ثلاث: الجانب
الأول يبحث في مكانة المرأة عند المجتمعات الي زارها ابن المجاور، والجانب الثاني يندرج
ضمن المظهر الأخلاقي والسلوكي الذي كان يسود مجتمعات ابن المجاور، أما الجانب الثالث
فهو ما توصل إليه من خلال هذا البحث من خلاصات واستنتاجات، لافتا إلى أن ابن المجاور
رحالة مشرقي اختلفوا في نسبه فالكثير من الباحثين ذهبوا نحو ابن المجاور الدمشقي الشيباني
وهو علامة معروف ولكن بعد الفحص والتحري والتقصي تم التأكد أنه ابن المجاور المشرقي
حيث أكد ذلك عضو مجمع اللغة العربية أ. جعفر الحسني، وقال أن والد المجاور هو نيسابوري
بغداد، وبذلك فابن المجاور هو شاب فارسي ولد ونشأ في خراسان وترعرع في مدينة بغداد،
لافتا إلى أن المجاور ركز في رحلته تلك أصناف عدة من النساء منها (الأصيلة، والوضيعة،
والحرة، والجارية، والصالحة، والفاسقة، والوفية، وغيرها) ووصف تحركات كل منهن، ووضعها
في إطار جغرافي سياسي وعلائق غريبة كانت سائدة في هذا العصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تنبيه:
الموقع غير مسئول عن أي محتوى أو تصريح أو تعليق يخالف القانون أو يسيء للآخرين