الجمعة، 7 يوليو 2017

فأردت أن أعيبها” بقلم د. يوسف مسعد العنزي

 


لا تكاد تخلوا مؤسسة عامة أو خاصة في مختلف القطاعات من بعض العيوب والأخطاء الناتجة عن خلل في الادارة كنقص في الكفاءة أو إهمال أو أسباب أخرى، مما قد يدعوا بعض المنتسبين لتلك المؤسسة لكشف هذه العيوب والأخطاء رغبة في ازالتها، وقد تختلف المقاصد فالبعض يرغب في الإصلاح الفعلي فينتقد مؤسسته في جانب معين حتى يصلح الخلل وتستقيم الأمور على المدى القريب والبعيد مما يحفظ كيان هذه المؤسسة ومنتسبيها، بينما تجد أشخاصا آخرين تعجب لشأنهم (مثل النعامة لا طير ولا جمل) قد يبالغون في نقد جهات عملهم وإظهار الأخطاء، بل ربما يتعمدون احداث العيوب أحيانا لتسليط الضوء عليها اعلاميا لغاية معينة مثل خطوات انتقامية أو ردود أفعال متسرعة لخلاف مع بعض القيادات في تلك المؤسسة لتشكيل مركز ضغط، ولعل مساعيهم تتحقق في جذب الانتباه للأخطاء الموجودة في المؤسسة، لكنها قد تحدث  عيوبا وأضرارا جانبية من الصعب معالجتها وقد تسيء الى منتسبي المؤسسة فشتان ما بين من يحدث خرقا في السفينة بقصد حفظها وبين من يخرقها ليغرقها. وبعيدا عن الخوض في المقاصد، تابعت كلمة لنائب فاضل في لقاء تلفزيوني فكان مما ذكر أن  الأسئلة التي يطرحها النواب الأفاضل في البرلمان غاليا ما تكون مستمدة من بعض العاملين في المؤسسات مما يفسر الدقة والتفصيل في المعلومات أحيانا وغالبا ما تكون الاجابات حاضرة لدى النائب وطرح الأسئلة يكون للتثبت بمقارنة أجوبة المسؤولين مع المعلومات المتوفرة والمنقولة من قبل بعض العاملين.
وبالحديث عن النقل هنا تتجلى أخلاق الفرسان وصدق المقاصد في الرغبة في الإصلاح، فمن يرغب في تقويم أمر ما، لا ينبغي عليه تناول مسائل بعيدة عن الخلل أو الانتقاص من إنجازات حقيقية أو بخس حقوق الناس أي كانوا سواء مسؤولين أو عاملين، كما ينبغي على الناقل نقل الصورة الحقيقية للنائب ليكون ممثلا عنه بجدارة ولا يتركه يستطرد في مسائل يجهلها فيسيئ للمؤسسة أو منتسبيها بقصد أو دون قصد وهذا ما كان ويحصل بين حين وآخر خاصة عند مناقشة ميزانيات بعض المؤسسات والتي منها ميزانية الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب حيث يتحول السجال السياسي لإقرار الميزانية الى انتقاص مباشر من كرامة أساتذة الهيئة الموقرين الذين لا يقلون فضلا وعلما عن أقرانهم ممثلي الأمة الأفاضل.
وعودة الى نفس اللقاء مع النائب الفاضل حيث تطرق لموضوع الساعات الإضافية التدريسية في الهيئة وكونها السبب في تأخر تخرج الطلبة حيث ارتفع المقابل المادي لهذه الساعات من مبلغ زهيد جدا ليفوق راتب عضو هيئة التدريس!!! وهذا الكلام لو افترضنا جدلا أنه صحيح “وهبني قلت هذا الصبح ليلّ أيعمى العالمون عن الضياء”  لا ينبغي أن يصدر من ممثل للأمة يحمل في نفسه تقديرا لمكانة الأساتذة المربين الأفاضل فيصفهم (ولو بالإيحاء) بالجشع على حساب مستقبل أبنائهم الطلبة، وللتوضيح فإن الساعات الإضافية تعني فتح شعب إضافية غير مدرجة في الجدول الدراسي، مما يعني زيادة المواد المسجلة في الفصل، فزيادتها تصبح سببا لتقليص الفصول الدراسية، وبالتالي تعجل الفترة اللازمة للتخرج لا العكس، والمبالغ التي تصرف للأساتذة هي أجر مقابل عمل، ومهما بلغت هذه المبالغ تظل رمزية وقليلة في حق من نال أعلى الشهادات من أفضل الجامعات العالمية وبادر فقبل تدريس ساعات إضافية (عمل إضافي غير إلزامي) وبذل المزيد من العطاء في إلقاء المحاضرات لأعداد ضخمة ومتزايدة تجاوزت 100 طالب في الشعبة في الفصل الدراسي، وما يترتب على ذلك من متابعة الحضور اليومي، وشرح الدروس وتصميم الاختبارات، ثم تصحيحها ورصد الدرجات ومناقشتها، والتواجد في الساعات المكتبية، والتواصل مع الطلبة وأولياء الأمور، وذلك إضافة لمهامه اليومية في الجانب الأكاديمي في مجال البحث العلمي، وتنظيم وحضور المؤتمرات، ولجان القسم العلمي والكلية، وغيرها من مهام، أضف الى ذلك أن عضو التدريس مهما كان عطاؤه خلال العام الدراسي لا يستحق عنه مكافأة أعمال ممتازة تصل الى راتبين أو أكثر مثلما هو الحال في العديد من الوزارات والمؤسسات الحكومية والخاصة، كما أن الأساتذة ليس لهم أي ميزات تذكر مثل تذاكر سفر سنوية وتأمين صحي وغيرها، بالرغم من هذا كله يستكثر البعض الرواتب المستحقة ويطلع علينا أشخاص في كل حين يصفون الأساتذة بالطمع والتلاعب وينتقصون من قدر ومكانة الأستاذ بحجة المحاسبة لوجود مخالفات ادارية أو مالية وردت لهم من قبل بعض العاملين في الهيئة ممن أراد أن يعيبها!



المصدر: أكاديميا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تنبيه:
الموقع غير مسئول عن أي محتوى أو تصريح أو تعليق يخالف القانون أو يسيء للآخرين