كتب: بكار الباسل
لو طالعنا سورة "نوح " لوجدت نوحا عليه السلام فيما ذكره الله
–تعالى – يقول:"وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ
آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا
(23)(سورة نوح)
وحتى نثبت أن نوحًا عليه السلام
كان يتكلم اللغة العربية لابد أن نوضح ما الأسس
التي إن توفرت في الكلام نقول: إنه كلام عربي :
١- لابد أن تكون الكلمة لها جذر ثلاثي أو رباعي حيث إن الكلمة العربية لابد لها من أحد الجذرين
.
2- أن
يكون لها معنى في لغة العرب يرجع إليه في المعجم
.
3- تكون
لها اشتقاقات ،مثل :اسم الفاعل، واسم المفعول،
والصفة المشبة ، وصيغة مبالغة، والمصدر
.
4- أن تقبل التنوين على آخرها ،ويسمى تنوين التمكين؛ لتمكنها
في اللغة العربية ؛ولذلك يقال له تنوين التمكين مثل :محمدٌ ولا نقول إبراهيمٌ ؛ لأنه
أعجمي .
وليس كل الكلام العربي يقبل هذا الشرط ٠
وإن وجد فيه الشروط الثلاثة الأُول
تكون الكلمة مما لاشك فيه أصيلة في لغة العرب.
فلو نظرنا إلى كلام ربنا في سورة نوح على لسانه - عليه السلام - نرى أنه
ذكر أسماء رجال صالحين بين عصر آدم -عليه السلام
- وعصره فلما ماتوا قال الشيطان
للناس اصنعوا لهم أصنامَا حتى يذكروكم بهم فتعبدوا الله، فلما مات الجيل الأول عبدوهم كما ذكر عبد الله بن عباس
.
والمتتبع للأسلوب القرآني في عرض القصة يجد أن الكلمات إذا نقلت عن السريانية
كما في قصص بني إسرائيل ، أو نقلت عن الحشرات أو الطيور كما في قصة الهدهد والنملة
مع سليمان نجد الكلمات تختلف تماما في لغتها
الأصلية عن العربية، ولكن أسماء الأشخاص لا تختلف
، فنوح عليه السلام يذكر أسماءً حقيقية .
فإذا أثبتنا أن هذه الأسماء عربية توصلنا إلى أن نوحًا
كان يتكلم العربية
الكلمة
الأولى:"وَدًّا " قرئت بضم الدال وفتحها وهي: مصدر من الحب ومنه قوله تعالى "إن الذين
آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وُدًّا "فهذه الكلمة اجتمع فيها الشروط الأربعة السابقة : فنرى جذرها
ثلاثيامن مادة :و د د ، ولها معنى ألا
وهو الحب ، وهي مصدر يأتي منها جميع المشتقات مثل :وَدُوْد ،مَوْدُوْد الوَدُوْد..
ولحقها تنوين التمكين.
الكلمة الثانية:" سِوَاعًا " وهي أيضا اجتمعت فيها الشروط الأربعة: وهي مصدر
على وزن فِعَال مثل : قِتَال ، جذرها ثلاثي
" س و ع " وهي ، ومعناها :الساعة
من الليل ،وقد لحقها تنوين التمكين .
الكلمة الثالثة :يَغُوثَ وقد
اجتمعت فيها شروط ثلاثة وهي :اسم ممنوع من الصرف جاء على وزن الفعل ومصدره الغَوثُ والفعل يُغِيث ومنها مَغِيث، وجذره ثلاثي :غ و ث "ومعناه طلب الإعانة و النصرة
.
الكلمة الرابعة:"يَعُوق "وقد اجتمعت فيها شروط ثلاثة وهي:اسم ممنوع من الصرف جاءت على وزن الفعل ومصدره الإعاقة ومنها قوله تعالى : قد يعلم الله المعوقين منكم
" ومنها اسم الفاعل مُعَوِّق والفعل يَعُوق اسم المفعول مُعَوَّق ،ومعناها : ومعناها عاقه عن الشيء أي منعه و ثَبَّطَه
وجذرها ثلاثي " ع وق " .
الكلمة الخامسة:نَسْرًا :وهذه الكلمة اجتمعت فيها الشروط الأربعة: جذرها
ثلاثي من مادة "ن س ر" وهي مصدر مثل قَتْل ، وأما عن معناها في العربية :تقول نَسَر الطائر
اللحم نَسْرًا أي نَتَفَه وقطَّعَه ،ومنها الطائر المعروف النَّسْر ،وهي مشتقة منها
يَنْسر وناسر و نَسِيرة وهي: قطعة اللحم ،وقد
لحقها تنوين التمكين .
فهذه الكلمات الخمس كلام عربي أصيل،ولو افترضنا فرضًا – وإن كان بعيدًا - أن هذه الكلمات اتفقت مع العربية في النطق وهي
من لغة غير العربية؛ فإن الذي يقطع هذا الشك هو تنوين التمكين في ثلاث كلمات وهو النصب
في ودَّا و سواعا ونسرا .
وإذا أردنا أن نطبق هذه القواعد على كلمة أعجمية مثل : إبراهيم ,إسحاق وإسماعيل فإنها لا تقبل ذلك فهي ليست لها معنى في العربية وليست مشتقة ولا جذور لها في العربيةولا تقبل التنوين .
فنستنتج أن نوحًا عليه السلام
كا ن يتكلم العربية ، وكذلك آدم عليه السلام
؛ لأن الفترة بين آدم ونوح عشرة قرون كانت
على التوحيد ، ثم دخلت الأصنام ،وهذا الوقت غير كافٍ لتغير اللغة
، كما أنه من المستحيل أن تكون هذه الأصنام نشأت في عهد نوح ؛بل هي سابقة على
عصره؛ ولذا بعثه الله لتوحيده كما بعث محمدًا صلى الله عليه
وسلم ، ولو نظرنا لكلام ابن عباس لوجدنا أن
هؤلاء كانوا رجالًا صالحين ، ومن المعروف أن الفترة التي بين آدم ونوح لم يكن فيها
شرك إلا أنها بدأت قبيل عصر نوح وهي الفترة
التى لم يُنْكر فيها الشرك بالله حتى بعث الله نوحًا عليه السلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تنبيه:
الموقع غير مسئول عن أي محتوى أو تصريح أو تعليق يخالف القانون أو يسيء للآخرين