على غير ما يشتهي المتشرعة والمتنطعين في التقليل من شأن الهيئة العامه للتعليم التطبيقي والتدريب انتفضت الهيئة وشمرت عن ساعديها وقبلت بالتحدي المفروض عليها بسبب تفشي وباء كورونا المستجد وهي المكبلة أساسا بقيود مجحفة والمتراكمة على مر السنين والتي تركتها مثقلة بأعباء تفوق قدراتها ودورها الاساسي المناط بها في رفد الاقتصاد بالعماله الوطنية الماهرة وتوطين الكفاءات والمواهب للنهوض ورقي الوطن، والاكتفاء الذاتي بالعمالة المحلية.
لا يخفى على القارئ الكريم لهذه السطور حجم التحدي الذي واجهته البلاد والنجاح الكبير الذي حققته الجهات المعنية في مكافحة تفشي وباء "كورونا المستجد - كوفيد19" حيث نشطت الأجهزة الصحية والأمنية والاعلامية وغيرها لتطبيق مبادئ السلامة التي حددتها منظمة الصحة العالمية من تباعد اجتماعي وحظر كلي وجزئي أدت الى تقليل حجم الخسائر بالأرواح وتسطيح مستوى انتشار العدوى، مع صعوبة وجسارة المهمة من الناحية الادارية والتنظيمية والدعم والاسناد.
ولست هنا في هذه المقالة
راغبا في تقييم أو التعليق على التجربة العصيبة التي واجهت البشرية جمعاء، ولكن ومن
خلال عملي من داخل الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب أذهلني التعامل الحاسم
والسريع من قبل إدارة الهيئة في التحضير والانتقال الفعلي الى منصات التعليم الالكتروني
وتطويع الأدوات لتكون حجر زاوية في استمرار التعليم.
وللأمانه لم تأخذ هيئة التطبيقي نصيبها المفترض من الاهتمام على المستوى الاعلامي ولا الحكومي، وأكملها البرلمان بتخفيضات غير مسبوقة للميزانية بدلا من تدعم الهيئة وتكريمها، فهناك محطات بل جولات اشبه بنزال ملاكمة صارعت من خلالها الهيئة العامة للتعليم التطبيقي بكافة منتسبيها بدأً من الإدارة العليا الى الهيئة التدريسية والتدريبية والطلاب والطالبات وكافة الإدارات المساندة والقطاعات أبدعت من خلالها بإيجاد البدائل والحلول على الرغم من القليل المتيسر من موارد مساندة، ناهيك عن سيف مسلط على رقبة ميزانية التطبيقي، ففي كل عام نحبس الانفاس حيث تستل كل من وزارة المالية ومجلس الأمة سكاكينهم لتقطيع أوصال الهيئة وتسديد الطعنات وتركها تنزف سمعة وانكسار لنفسية المنتمين لها على كافة الاصعدة.
وبشح من الموارد الفنية واستشعارا للحاجة الماسة لاستخدام منصات الكترونية لتهيئة الأرضية المناسبة لـ "التعلم عن بعد" لأكبر مؤسسة تعليمية بالكويت دفعت الادارة العليا بعجلة التعليم عن بعد فإذا السفينة العملاقة تستدير وتحدث موجا عارما اشرأبت له اعناق المسؤولين بالدولة، بل وحتى أعضاء اللجنة التعليمية بالبرلمان بانبهار غير مسبوق، كيف استطاعت الهيئة ان تكسب الجولة الأولى من منازلة "كوفيد19 " في حين عجزت مؤسسات أخرى عن مجاراتها في أبسط الاستعدادات الأولية، الضربة الموجعة الأولى عندما أظهرت الهيئة بأن لديها بنية تحتية لنظم المعلومات قوية وذات كفاءة عالية، وبرمجيات جاهزة للتفعيل، ومنصات الكترونية فاقت الخمس سنوات من الاعداد وبدء العمل وتدشينها.
والجولة الثانية وبسرعة مذهلة يتم تدريب كل الهيئة التدريسية والتدريبية على التفاعل واستخدام عدد كبير من التطبيقات الحيوية مثل منصة تيمز، ومنصة موودل، وبرمجيات ميكروسوف المكتب، واطلاق موقع الهيئة الجديد، وزيادة كفاءة السرفرات لمنصة موودل الالكترونية.
أما في الجولة الثالثة للمنازلة فكانت عندما قام أعضاء هيئتي التدريس والتدريب بالتكاتف الجمعي لإنجاح خطوة التدريب بكفاءات من داخل التطبيقي وبكلفة تكاد تكون رمزية لتدريب ما يقارب ثلاثة آلاف مدرس ومدرب ومنتدب، وأكثر من خمسين ألف طالب بفترة زمنية لم تتجاوز الشهرين فقط.
وفي الجولة الرابعة تبدأ الدراسة والادارة والعاملين كافة في حالة استنفار دائم لتذليل العقبات والمشاكل الفنية الطارئة والتي لابد منها في وضع استثنائي، ولله الحمد والمنه تتوالى كلمات الثناء والشكر من أركان الدولة وأصحاب الشأن المتصل بالتعليم التطبيقي من أولياء أمور يرون فلذات اكبادهم يتابعون تحصيلهم العلمي وهم في مأمن تام ودون أي خلل وبسلاسة ويسر.
ولكن تأتي الجولة الخامسة من حيث لم نحتسب بل كنا على ثقة بأن تثمن تلك الجهود الاستثنائية والجبارة بدعم من الحكومة الرشيدة والبرلمان، إلا أن كلا الطرفان لم ينبتا ببنت شفه لدعم التطبيقي في مسيرته التعليمية، فبالرغم من التعامل المبدع المتناهي مع متطلبات معقدة بأدنى التكاليف وبأسرع الأوقات لم تفهم الحكومة ولا البرلمان ما هي القدرات والمواهب المدفونة داخل أروقة التطبيقي التي لطالما احتاجت لدعم ولو بكلمة ثناء ناهيك عن الدعومات المادية والفنية.
نحن نناشد الحكومة الرشيدة وأعضاء البرلمان الأفاضل تغيير نهج التعاطي السلبي مع الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب والبدء بجدية بدعمها، وذلك بعدم استثنائها من ضمن قانون الجامعات الحكومية والسماح لها بأن تنمو بقدراتها الذاتية لتكون بيتا داعما لتطلعات العمالة الوطنية.
وفي الختام اتوجه بالشكر
الجزيل لجميع العاملين في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب وعلى رأسهم المدير
العام الدكتور علي المضف والسادة نواب المدير العام وأعضاء الهيئتين التدريسية والتدريبة،
كما أثني على جهود رابطة اعضاء هيئة التدريس في دعم مسيرة الهيئة والدفاع عن الحقوق
والمكتسبات وإتاحة الفرصة لكل من يرغب في التعبير عن رأيه في اصلاح و تقويم التعليم
التطبيقي والتدريب.
بقلم/ د. نزاز جعفر ملا
جمعة الخطيب
أستاذ مشارك - كلية الدراسات
التكنولوجية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تنبيه:
الموقع غير مسئول عن أي محتوى أو تصريح أو تعليق يخالف القانون أو يسيء للآخرين