الاثنين، 20 يوليو 2020

مصبغة غسل الأموال وتجار البشر





بقلم/ أ. د فيصل الشريفي 

من الواضح أن الفترة القادمة لن تمر كما يتمناها سراق المال العام وتجار البشر ومرتكبو جرائم غسل الأموال بعد أن أصبحوا مادة دسمة للصحافة العالمية والمنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني وحكومات الدول المرتبطة بهذه القضايا، بحيث لم يعد بالإمكان التستر أو حماية هؤلاء الفاسدين.

عندما دفعت حكومة الكويت تعويضات إلغاء عقد شراكة "الداو" توقعنا أن يتعظ الفاسدون، إلا أن مسلسل الفساد سار بسرعة جنونية، وفي أكثر من اتجاه، فعلى ما يبدو أن الملايين لم تعد تملأ عيونهم حتى صار المليار عندهم كالدينار، ومع كل يوم يتضح حجم خمال مؤسسات الحكومة الرقابية.

هذه الجرائم ستجر الكويت وراءها إن لم تتخذ الحكومة إجراءات استثنائية استباقية كي تتمكن من تجنيب الكويت التبعات الدولية لهذه الجرائم بالكشف عن الأشخاص، ومن يقف وراءهم دون وضع أي اعتبار للأسماء أو مناصبهم أو مكانتهم الاجتماعية، لمن جاء ذكرهم في صحائف الاتهام المحلية والدولية.

بلاغ الجيش والصندوق الماليزي وأموال التأمينات المنهوبة ما هي إلا دليل على تفشي الفساد، وما هي إلا بيان لحالة استغلال المال العام، فإن كانت الكويت تعاني نقص السيولة كما صرح وزير المالية، فعليه وضع يده على هذه الأسباب ومعالجتها، بل إن المطلوب منه أكثر من ذلك، وعليه أن يكون أكثر صراحة مع الشعب الكويتي بالكشف عمن تضخمت حساباتهم خلال العشرين سنة الماضية على أقل تقدير.

فيخرج لنا البعض بوثائق إصلاح مالي جميعها موجهة إلى جيب المواطن، ويسكتون سكوت أهل القبور عن حجم الهدر المالي في المؤسسات الحكومية، وعن مشاريع كلفت خزينة الدولة أضعافاً مضاعفة للأرقام الحقيقية، وشبكات غسل الأموال، ثم يغمضون أعينهم عن التعيينات المشبوهة التي هي أساس الفساد والأذرع الأخطبوطية لهذه الشبكات.

مع كل هذا الفساد مازال هناك من يستكثر على الشعب الخوض أو حتى الهمس بأسماء الفاسدين، ويطالبه بالتوجه إلى الجهات الرقابية وتقديم ما لديه من دلائل وإثباتات متجاوزا الواقع القانوني الذي كبل المواطن وجعله يعيش حالة من الخوف مثله مثل بالع الموس. قضايا بحجم الصندوق الماليزي أو مصفاة فيتنام كيف لمواطن بسيط كشفها، لذلك مثل هذه القضايا هي من صميم عمل الجهات الرقابية الحكومية ومجلس الأمة الذي يملك الأدوات الرقابية، ولديه جهاز حسابي مستقل، ولديه لجان للميزانيات العامة وحماية الأموال العامة والشؤون المالية والاقتصادية، والكثير من لجان التحقيق أنشئت للكشف عن الشبهات المالية والإدارية.

على الطرف الآخر يحمل ملف "التجارة بالبشر" خطورة لا تقل تداعياتها عن الصندوق الماليزي إذا ما نظرنا إلى حجم العمالة الوافدة وإلى الوضع المعيشي للكثير منهم، بعد أن كشفته أزمة كورونا، لذلك يجب فتح هذا الملف على مصراعيه وعدم الاكتفاء بشبكة النائب البنغالي لمعرفة بقية تجار الإقامات الذين أساؤوا إلى دولة الكويت وشعبها.
ودمتم سالمين.

المصدر: جريدة الجريدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تنبيه:
الموقع غير مسئول عن أي محتوى أو تصريح أو تعليق يخالف القانون أو يسيء للآخرين