الخميس، 9 أبريل 2020

المنازلة الحقيقة لن تكون مع كورونا بل مع أثارها وتداعياتها





بقلم البروفيسور: فيصل الشريفي
العميد السابق لكلية العلوم الصحية والباحث في الشأن البيئي

إن استمرت زيادة الحالات المصابة بمرض كورونا (كوفيد-19) على هذا المعدل خلال الأيام والأسابيع القادمة سوف يواجه مستشفى جابر صعوبة في استقبال المزيد من المصابين وفي هذه الظروف الاستثنائية لابد من تجهيز مستشفى ميداني يكون رديف ومساند تنحصر مهمته في استقبال الحالات التي لا تتطلب رعاية طبية مكثفة وهو إجراء سليم وخطوة استباقية وخطوة متقدمة على توصيات منظمة الصحة العالمية.
الكويت لجأت إلى الحجر المناطقي للحد من انتشار المرض في عموم الوطن وهو إجراء عملت فيه الكثير من الدول شريطة أن توفر الدولة والجمعيات الخيرية والجمعيات التعاونية مستلزمات الحياة المعيشية من خلال إنشاء مراكز  توزيع فاعلة ومرنه وبذات الوقت وعلى نفس المنوال ومن منطلقات إنسانية على الحكومة والجمعيات الخيرية توفير السلة الغذائية المجانية للأسر والأفراد الغير قادرين على الشراء.
فرض الأمن لا يعني إحكام القبضة على الداخلين والخارجين بهذه المناطق بل من خلال طمأنة قاطنين هذه المناطق بأن الإجراءات التي تقوم بها الدولة هي لصالح العام ولصالح المواطنين والوافدين على حد سواء.

أخيرًا:
1- موضوع إجلاء المواطنين أمر لا يحتمل التأخير ولا بد من تنظيم عودتهم في أقرب وقت ولأجل ذلك على السلطات الصحية ايجاد بدائل أخرى غير الحجر المؤسسي من خلال تقسم العائدين إلى مجموعات وتوجيه من يتأكد خلوه من المرض بعد عمل الفحوصات الطبية اللازمة إلى الحجر المنزلي خاصةً وإن منهم من قضى فترة الأسبوعين في دول طبقت نظام الحجر المؤسسي كدولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين وسلطنة عمان على الكويتيين الذين اختاروها كوجه لهم قبل العودة إلى الكويت من الدول الأوربية وأمريكا   وبإشراف سفارات دولة الكويت.
*ملحوظة الوعي والثقافة المجتمعية  بين المواطنين قد وصلت إلى مرحلة متقدمة بالاستجابة لتعليمات السلطات لإدراكهم أهمية تطبيق إجراءات الوقاية الشخصية لذلك موضوع الالتزام بالتعليمات قد أختلف عن ما  كان عليه بالأسابيع الماضية وعلى ضوء ذلك تطبيق إجراء الحجر المنزلي سوف يكون فاعل.
2- إجلاء الوافدين الراغبين بالعودة إلى بلدانهم واجهته الكثير من المشاكل بسبب تعنت دولهم في استقبالهم ووضع قيود على عودتهم بما فيها إجراءات الحجر المؤسسي وبتكلفة عالية وعلى افتراض إن الرعاية الصحية والمعيشية بدولة الكويت أفضل مما هي عليه في دولهم.
بالرغم من المرونة الكبيرة التي أبدتها السلطات الكويتية لحل قضية الراغبين بالعودة إلى دولهم وبالرغم من ان هناك أكثر من ١٤٠ ألف مخالف لنظم الإقامة المعمول بها في دولة مما يعتبر وجودهم بحد ذاته جريمة لذلك على الطرف الآخر تفهم هذا الوضع.

وبما إن المؤشرات على انحسار الوباء لن تلوح في الأفق القريب وإن المرض سوف يأخذ بالانتشار وأعداد الإصابات حول العالم ستصل إلى الملايين مما يترتب على ذلك اضطرار  حكومات العالم إلى اتخاذ المزيد من تدابير  الحجر الوقائية والتي من شأنها تفاقم الأوضاع المعيشية على معظم الشعوب خاصةً الفقيرة منها والتي لا تملك مقومات الأمن غذائي وليس لديها مخزون استراتيجي يكفيها لحين انتهاء  الأزمة. 

تأثيرات هذه الأزمة رمت بضلالها على التجارة العالمية وتسببت بوقف المصانع وإفلاس الكثير من الشركات وأثرت بشكل مباشر على كفاءة الإنتاج الزراعي والحيواني ومشتقات اللحوم والألبان والدواجن والبيض والثروة السمكية لذلك تبعات هذا التوقف ستؤدي إلى خروج الكثير من المزارعين ومربي المواشي والطيور وأصحاب المصانع المرتبطة بها عن العمل وستسبب في مجاعات وكوارث إنسانية بالكثير من الدول الفقيرة ذات الموارد المحدودة.

المتوقع الوفيات الغير مباشرة ستكون صادمة لجائحة كورونا (كوفيد-19) نتيجة الفقر ونقص المواد الغذائية وارتفاع نسب البطالة على مستوى العالم وكنتيجة حتميه ستؤدي إلى الانفلات الأمني وانتشار الجريمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تنبيه:
الموقع غير مسئول عن أي محتوى أو تصريح أو تعليق يخالف القانون أو يسيء للآخرين