بقلم أ.د فيصل الشريفي
هناك مشكلة حقيقية تواجه السلطات الصحية في
السيطرة على المرض، والتي كشفت عنها الإصابات بين الوافدين، بعد تصدر ثلاث جنسيات
الهندية والمصرية والبنغالية المشهد بسبب تكدسهم في مساكن تفتقر لأبسط الشروط
الصحية، مما يصعب معه توقع أعداد الإصابات في ظل هذه الظروف المعيشية.
قرار الحظر الشامل الذي أقرته الحكومة جاء بعد
تحذير وزير الصحة الدكتور باسل الصباح من زيادة الحالات وعدم التزام المجتمع
بالاشتراطات الصحية وما يترتب عليه، لا قدر الله، من عجز للمنظومة الصحية في
استمرار كفاءتها بتقديم الرعاية الصحية للمرضى.
اتخاذ هذا القرار لم يكن ليتم لولا خروج الأرقام
عن المعدل المقرر لها سلفا، ولما له من دلالات عكستها تصرفات جزء من المجتمع بعدم
التزامهم بالتعليمات الصحية، وسوء تقديرهم لخطورة المرض رغم المشاهد التي تتناقلها
وسائل الإعلام المختلفة من مآس حول العالم بينت قدرة فيروس كورونا المستجد على
الفتك بالإنسان، خصوصاً بين كبار السن وممن يعانون الأمراض المزمنة وضعف المناعة.
أرقام الإصابات المؤكدة حول العالم في طريقها إلى
الخمسة ملايين وأكثر، ناهيك عن الوفيات التي تجاوزت الثلاثمئة ألف، معظمها سجلت في
الدول المتقدمة ذات الإمكانات الطبية واللوجستية والمنظومات الاقتصادية ذات
الكفاءة العالية، ومع هذا لم يشفع لها ذلك بالسيطرة على تفشي الوباء بسبب
الاستهتار وعدم الالتزام بالإرشادات الصحية.
نعم هناك تذمر شعبي بسبب طول فترة الحظر الجزئي
الذي سبق الحظر الشامل، وإن هناك من لا يرى جدوى من تطبيقه أصلا بعد تنازل الكثير
من الدول عنه بتركها الأمر برمته إلى وعي المجتمع، بالالتزام بتعليمات التباعد
الاجتماعي ووسائل الوقاية الشخصية، ومن ثم فرض سياسة التعايش مع المرض، أو بمعنى
آخر تطبيق مناعة القطيع.
كمتابع فإن حكومة الكويت عملت كل ما بوسعها لتجنب
سياسة مناعة القطيع، وأخذت بإجراءات احترازية كبيرة جدا مكلفة على المال العام،
ورغم ارتكابها بعض الأخطاء لسبب أو لآخر لكن الرهان يظل على وعي المواطن والمقيم
في السيطرة على انتشار الوباء للعودة بالحياة الطبيعية إلى الحد الأدنى بالمرحلة
القادمة.
هناك مشكلة حقيقية تواجه السلطات الصحية في
السيطرة على المرض والتي كشفت عنها الإصابات بين الوافدين، بعد تصدر ثلاث جنسيات
الهندية والمصرية والبنغالية المشهد بسبب تكدسهم في مساكن تفتقر لأبسط الشروط
الصحية، مما يصعب معه توقع أعداد الإصابات في ظل هذه الظروف المعيشية.
بمناسبة الحديث عن الوافدين يجب فتح هذا الملف عل
ى مصراعيه، فالموضوع لا يمكن السكوت عليه، ولا يمكن أن يمر دون محاسبة تجار
الإقامات والوسطاء ومن سهل لهم ذلك من خلال فتح تحقيقات جادة، لا يُستثنى فيها أحد
من أي جهة حكومية، أو أي فرد له علاقة بهذا الملف.
التحقيق يجب أن يشمل أيضا مراجعة عقود عمال
النظافة المنتشرين في شوارع ومستشفيات الكويت وعمال المناولة الذين تغص بهم
الجمعيات التعاونية والأسواق المركزية والمطار وشبرة الخضار، ناهيك عن ضرورة
محاسبة أصحاب العقارات وبلدية الكويت الذين تسببوا في تكدس العزاب بالمناطق
السكنية.
في النهاية المحاسبة يجب أن تكون شاملة لا
يُستثنى منها أحد مهما كان موقعه، أو من كان يقف خلفه، فما حصل جريمة لا تغتفر بحق
الكويت بلد الإنسانية.
ودمتم سالمين.
المصدر: جريدة الجريدة الكويتية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تنبيه:
الموقع غير مسئول عن أي محتوى أو تصريح أو تعليق يخالف القانون أو يسيء للآخرين